الأحد، أبريل 15

المخرج من الضغوط


بسم الله الرحمن الرحيم

المخرج من الضغوط

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ;

فلأنني على سفر
، تعالوا لأوصيكم عملاً بسنة رسول الله صل الله عليه وآله وصحبه وسلم

كما تعودنا
، ووصيتي هذه المرة لإخواني ...

أن المسلم في هذا الزمان وهو يتعرض إلى ضغوط متنوعة
، ضغوط شديدة ، ضغوط قاسية

يجد نفسه في أمس الحاجة لأن يعلم ما المخرج من هذه الضغوط الرهيبة لكي تصلح دنياه وآخرته

نسأل الله أن ينجينا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

إخوتي ...

إن المخرج من هذه الضغوط بلا شك هو (( التمسك بالدين )) على وجه التقوى ...

نعم ... هذا هو المخرج الحقيقي الأوحد من كل الضغوط التي تستهدف المسلم والإسلام .

فأوصيكم :

أولاً : (بالتقوى) لا (الفتوى) !


هناك فرق بين الفتوى والتقوى؛ قد يفتي مفتٍ بشيءٍ مباح.. لكن التقوى تنافيه !

قال ابن القيم رحمه الله :

سألت شيخنا عن أشياء فقال : ليست بحرام ، لكنها لا تليق بأصحاب الهمم ! فأين همتك ؟!

سأل سائل أبا هريرة رضي الله عنه فقال : يا أبا هريرة ! ما هي التقوى ؟

فقال: هل مشيتَ على طريق فيه شوك ؟

قال : نعم . قال: فماذا صنعتَ ؟

قال : كنتُ إذا رأيت الشوك اتقيته.

قال : ذاك التقوى..

أعرفت التقوى التي أقصد ؟!

كانوا يقولون : لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما لا بأس به حذراً مما به بأس..

فالزم (التقوى) ، ولا تتفلت وراء كل فتوى..

ثانياً : اذبح أضخم الضغوط بسكين الثقة في الله .


إخوتي ...

إن تأمل العيب معيب! ونحن في زمان كثر فيه العيب، وبعض الناس..

بعض الإخوة يحب أن يدقق في تفاصيل البلاء المتوقع ، ويظل يُضخمه !!

هم الرزق ... فتن الشهوات ... احتمال الأذى ... إلخ

تضخيم الأمور ...

والعلاج : أن يذبح الإنسان كل ذلك بسكين الثقة في الله تعالى ...

يُذكَر أن عالماً كان يجلس في بيته يُدوِّن أفكاره ، وكان لجاره ديك يزعجه

فطلب العالم من خادمه أن يشتري من جاره هذا الديك ويذبحه ويصنع به وليمة

ثم دعا العالم أصحابه إلى الوليمة ، فلما اجتمع الأضياف حول وليمة (الديك)

جعل العالم يكلمهم وهم يأكلون، ويحكي لهم قصة الديك

وكيف تفطن لهذه الفكرة التي خلصته من إزعاج الديك !

فإذا بالخادم يقاطعه قائلا : يا سيدي !

إن جارنا رفض بيع الديك ، وإني اشتريت ديكاً من السوق وصنعت عليه هذا الطعام !

أحبتي ...

إن الإزعاج زال عن العالم ، وتخلص منه تماماً لأنه ذبح الديك من قلبه ...

فاذبح من قلبك كل العوائق ، كل العلائق ... كل الضغوط ...

لا تعظم الضغوط ! لا تتأمل العيوب ! لا تدقق في تفاصيل البلاء المتوقع !

اجعلها أقل من أن تشعر بها ، فإنك إن فعلت فإن أثرها السيئ سيذهب من قلبك

وستفقد قوتها في الضغط عليك ، ولك في ذلك القاعدة الشرعية :

" المعدوم شرعاً كالمعدوم حِسَّاً "

لا تدقق
في تفاصيل الضغط عليك دقيق وتظل يُضخمه!!

ثم يفيض عليك الله تعالى بنعمته وفضله

ثم أوصيكم بالثالثة : وسِّع فتحة الدين لتتسرب منها الضغوط .


هناك قاعدة علمية تقول :

لو أن صندوقاً ممتلئاً بالماء وبه بعض ثقوب

فإن زيادة الضغط على الصندوق يجعل الماء ينطلق من الثقوب .

كل ثقب على قدر سعته ، وسيتسرب أكبر قدر من الماء من أوسع الثقوب..

كذلك قلبك :

لو تأملت كل الأذكار المشروعة في الهم والحزن والخوف والفزع

لوجدتها كلَّها توحيدًا لله عز وجل :

أرأيت كيف أن المخرج الوحيد من الضغوط هو توحيد الله جل جلاله ؟!

لذا ، فإن وصيتي لك أن توسع دائرة الدين في حياتك لتفرغ بالتقوى فقط همومك

وتخمد بالهدى فقط نيران قلقك ، وتسكن بالبصيرة فقط هيجات تضخيمك لأوهامك ...

وسع دائرة الدين في حياتك :

طلب علم ... ذكر ... صلاة ... تلاوة ... دعوة ... صيام ... قيام ... والله معك

أحبتي في الله !

لا تنسوا هذه الثلاثة :

( التقوى ) لا ( الفتوى ) !

اذبح الضغوط بسكين الثقة في الله

وسِّع فتحة الدين لتتسرب منها الضغوط

أحبكم في الله.. وأستودعكم الله..

وجزاكم الله خيرا..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

**********************************

بقلم الشيخ محمد حسين يعقوب حفظه الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد ونتشرف بتعليقاتكم ، ويسعدنا مراعاة ما يلي :

1 - ان يكون التعليق يخص محتوى الموضوع

2 - ان لا يحتوي التعليق اى روابط دون داعي

3 - أن لا يحتوي التعليق اي الفاظ او اساءات لاى احد