‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص التـائبيـن. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص التـائبيـن. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، مارس 16

أخبروا والدتي عني



يحكى أن رجلا كان يعرف بدينار العيار ، وكان له والدة صالحة تعظه وهو لا يتعظ

فمرَّ في بعض الأيام بمقبرة فأخذ منها عظما فتفتت في يده ففكر في نفسه


وقال : ويحك يا دينار كأني بك وقد صار عظمك هكذا رفاتاً ، والجسم ترابا .

فندم على تفريطه وعزم على التوبة ورفع رأسه إلى السماء وقال :

" إلهي وسيدي ألقيت إليك مقاليد أمري فاقبلني وارحمني " ...

ثم اقبل نحو أمه متغير اللون منكسر القلب


فقال : يا أماه ، ما يُصنع بالعبد الآبق إذا أخذه سيده ؟

قالت : يخشن ملبسه ومطعمه .

فلما جن عليه الليل أخذ في البكاء والعويل ، ويقول لنفسه : ويحك يا دينار ألك قوة على النار ؟

كيف تعرضت لغضب الجبار ؟ ولا يزال كذلك إلى الصباح .

فقالت له أمه : يا بني ارفق بنفسك .

قال : دعيني أتعب قليلا لعلي أستريح طويلا ، يا أماه إنَّ لي غدا موقفا طويلا بين يدي رب جليل

ولا أدري أيُـؤمـر بي إلى ظل ظليل ، أو إلى شر مقيل !!

قالت : يا بني خذ لنفسك راحة .

قال : لست للراحة اطلب كأنك يا أماه غدا بالخلائق يساقون إلى الجنة ، وأنا ُأساق إلى النار مع أهلها .

فتركته وما هو عليه . ففكر فيها وجعل يبكي حتى غشي عليه ، فجاءت أمه إليه فنادته فلم يجبها .

فقالت له : يا حبيبي وقرة عيني أين الملتقى ؟

فقال بصوت ضعيف :

يا أماه إن لم تجديني في عرصات القيامة فاسألي مالكاً خازن النار عني

ثم شهق شهقة فمات رحمه الله تعالى فغسلته أمه وجهزته وخرجت تنادي :


أيها الناس هلموا إلى الصلاة على قتيل النار 

فجاء الناس من كل جانب فلم ير أكثر جمعا
ولا أغزر دمعا من ذلك اليوم

فلما دفنوه نام بعض أصدقائه تلك الليلة فرأوه يتبختر في الجنة وعليه حلّة خضراء


وقال لهم : ألا اخبروا عني والدتي .


*******************************************************************

المصدر : كتاب  ( قصص التائبين )

القرار الشجاع



كنت شاباً أظن أن الحياة مال وفير وفراش وثير ومركب وطيء
، وكان يوم جمعة

جلست مع مجموعة من رفقاء الدرب على الشاطئ وهم كالعادة مجموعة من القلوب الغافلة .

سمعت النداء : حي على الصلاة ، حي على الفلاح

أقسم أني سمعت الأذان طوال حياتي ولكني لم أفقه يوماً معنى كلمة فلاح

طبع الشيطان على قلبي حتى صارت كلمات الأذان كأنها تقال بلغة لا أفهمها .

كان الناس حولنا يفرشون سجاداتهم ويجتمعون للصلاة ونحن كنا نجهز عدة الغوص وأنابيب الهواء

استعداداً لرحلة تحت الماء . لبسنا عدة الغوص ودخلنا البحر بعدنا عن الشاطئ

حتى صرنا في بطن البحر وكان كل شيء على ما يرام الرحلة جميلة وفي غمرة المتعة .

فجأة تمزقت القطعة المطاطية التي يطبق عليها الغواص بأسنانه وشفتيه

لتحول دون دخول الماء إلى الفم ولتمده بالهواء من الأنبوب وتمزقت أثناء دخول الهواء

إلى رئتي وفجأة أغلقت قطرات الماء المالح المجرى التنفسي وبدأت أموت .

بدأت رئتي تستغيث وتنتفض تريد هواء أي هواء أخذت أضطرب

البحر مظلم رفاقي بعيدون عني بدأت أدرك خطورة الموقف إنني أموت .

بدأت أشهق وأشرق بالماء المالح وبدأ شريط حياتي بالمرور أمام عيني

ومع أول شهقة

عرفت كم أنا ضعيف بضع قطرات مالحة سلطها الله علي ليريني أنه هو القوي الجبار .

آمنت أنه لا ملجأ من الله إلا إليه حاولت التحرك بسرعة للخروج من الماء

إلا أني كنت على عمق كبير ليست المشكلة أن أموت المشكلة كيف سألقى الله ؟!

إذا سألني عن عملي ماذا سأقول ؟ أما ما أحاسب عنه الصلاة وقد ضيعتها

تذكرت الشهادتين فأردت أن يختم لي بهما فقلت أشهـ ...

فغصَّ حلقي وكأن يداً خفية تطبق على رقبتي لتمنعني من نطقها .

حاولت جاهداً أشهـ ... أشهـ ...

بدأ قلبي يصرخ : ربي ارجعون ربي ارجعون ساعة دقيقة لحظة ولكن هيهات .

بدأت أفقد الشعور بكل شيء أحاطت بي ظلمة غريبة هذا آخر ما أتذكر لكن رحمة ربي كانت أوسع

ففجأة بدأ الهواء يتسرب إلى صدري مرة أخرى وانقشعت الظلمة وفتحت عيني

فإذا أحد الأصحاب يثبت خرطوم الهواء في فمي ويحاول إنعاشي ونحن مازلنا في بطن البحر .

رأيت ابتسامة على محياه فهمت منها أنني بخير، عندها صاح قلبي ولساني وكل خلية في جسدي :

أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله ، الحمد لله .

خرجت من الماء وأنا شخص أخر تغيرت نظرتي للحياة أصبحت الأيام تزيدني من الله قرباً

أدركت سرَّ وجودي في الحياة تذكرت قول الله ( إلا ليعبدون ) صحيح ما خلقنا عبثاً .

مرت أيام فتذكرت تلك الحادثة فذهبت إلى البحر ولبست لباس الغوص ثم أقبلت إلى الماء وحدي

وتوجهت إلى المكان نفسه في بطن البحر وسجدت لله تعالى سجدة ما أذكر أني سجدت مثلها

في حياتي في مكان لا أظن أن إنساناً قبلي قد سجد فيه لله تعالى .

عسى أن يشهد علي هذا المكان يوم القيامة فيرحمني الله بسجدتي في بطن البحر ويدخلني جنته

اللهم آمين .

------------------------------------------------

د. محمد العريفي

اِختر طريقك !



بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه , وبعد :

يظلّ هذا الإنسان على مفترق طرق كلّها في النهاية تعود إلى طريقين لا ثالث لهما :

طريق الأخيار ، وطريق الأشرار ...

هذا الإنسان وإن عاش طويلاً فإنّ الأعمال كأنّها لمح بصر .

فرق بين شابّ نشأ في طاعة الله ، وشابّ نشأ على المسلسلات والأفلام

بين شابّ إن حضر في مجلس

أنصت إليه الناس لكي يسمعوا منه كلمةً من قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم

وشابّ إن حضر أو لم يحضر فزملاؤه قائمون على الاستهزاء به، والضحك منه.

كنت في الصفّ الثاني الثانوي، فبدأت حياتي تتغيّر إلى الأسوأ ، وتنقلب رأساً على عقب

بدأت لا أصلّي ، ولا أشهد الجماعة في المسجد ، أخذت حياتي تتغيّر حتّى في مظهري الخارجي ...

تلك قَصّة شعر فرنسية ، وأخرى إيطالية
، وملابسي لم تعد ثوباً وغترة بل أصبحت لباساً غريباً فاضحاً

وجهي أصبح كالحاً مكفهرّاً
، وفارقت الابتسامة شفتاي .

مرّت سنة وسنتان وأنا على تلك الحال، حتّى جاء اليوم الموعود ...

كنت جالساً مع شلّة ، لا همّ لهم إلّا الدندنة والعزف على العود ، ودقّ الطبول إلى آخر الليل

شلّة فاسدة لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً ، بل تحثّ على المنكر ، وتأمر به .

وبينما نحن في لهونا وغفلتنا ، إذ أقبل علينا ثلاثة نفر من الشباب الصالح

كنت وقتها أكره الملتزمين كرهاً شديداً لا يتصوّره أحد ، أقبل أولئك النفر

فسلّموا علينا وجلسوا بيننا بعد أن رحبنا بهم مجاملة
، كنّا عشرة

وكنت أنا أشدّ هؤلاء العشرة في الردّ على أولئك الأخيار
وتسفيههم كلما تكلموا

كنت أقول لهم : أنتم لا تعرفون أساليب الدعوة ، ولا كيف تدعون .


دار النقاش بيننا وبينهم لمدّة ساعة كاملة كنّا خلالها نستهزئ بهم ، وكانوا يقابلون ذلك بالابتسامة

والكلام الطيّب
ولمّا حان وقت الانصراف صافحني أحدهم وقال لي : إنّ لك شأناً عظيماً ...

مرّ أسبوع على هذه الحادثة وحالتي لم تتغيّر ، من معصية إلى أخرى .

وفي ليلة من الليالي عدت إلى المنزل بعد منتصف الليل بعد سهرة مع تلك الشلّة الفاسدة كنت متعباً

فألقيت بنفسي على الفراش ، ورحت أغطّ في سبات عميق فرأيت فيما يرى النائم أنّني أمام حفرة

بيضاء لم أر مثلها قط ، فسجدت لله شكراً حيث نجّاني من تلك الحفرة السوداء المظلمة

فقمت من نومي فزعاً ، فإذا بشريط حياتي الأسود يمرّ أمامي لا أدري ما الذي أصابني

قلت في نفسي : لو أنّى متّ في تلك اللحظة هل تشفع لي حسناتي في دخول الجنّة ؟

هل تنفعني تلك الشلّة الفاسدة التي لا همّ إلا السهر إلى آخر الليل ، والتفكّه بأكل لحوم البشر

عاهدت الله على الالتزام بمنهج الله ومنهج رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم

وعلى تطليق تلك الشلّة الفاسدة ، ومن ترك شيئاً لله ، عوّضه الله خيراً منه .

المصدر : كتاب " العائدون إلى الله "